المقولة الشهيرة التي لم يقلها كاميرون!


 

بحثت عن خطاب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي ألقاه يوم 15 أغسطس 2011 بعد أحداث الشغب، سعيا وراء العثور على عبارته الشهيرة:David-Cameron-EU-summit-B-007

“عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لبريطانيا فلا أحد يكلمني عن حقوق الإنسان.”

تلك العبارة التي يتناقلها الكثيرون على شاشات التليفزيون منذ فترة ليست بالقصيرة، ليتضح في النهاية أنه لم يقلها!  لدرجة ان السفارة البريطانية أصدرت بيانا تنفي فيه أن يكون رئيس الوزراء قد قال مثل هذه العبارة.

ما علينا.. بقدر ما خاب ظني لعدم عثوري على ما كنت أبحث عنه، بقدر ما أثار انتباهي باقي الخطاب، واعتبرته علامة استرشادية هامة لنتأملها في هذه الأيام.  وفيما يلي بعض مقتطفات من هذا الخطاب:

–   “لأن هذه هي بريطانيا.  هذا البلد العظيم وأهله الطيبون. إن هؤلاء السفاكين الذين رأيناهم الأسبوع الماضي لا يمثلوننا ولا يمثلون شبابنا كما انهم لن يتمكنوا من جرنا إلى الهاوية.

والآن وقد خمدت النيران وانقشع الدخان تظل هناك أسئلة معلقة تحتاج إلى إجابة: “لماذا؟ وكيف لهذا أن يحدث في شوارعنا وفي بلدنا؟”

لا يجب أن نبالغ في تبسيط الأمور بطبيعة الحال. ..

…. هذا الشغب لم يكن حول العِرْق، فالجناة والضحايا من البيض والسود والآسيويين.   هذا الشغب لم يكن بسبب تخفيضات الحكومة، فقد كانت موجهة ضد المحال التجارية في الشوارع الرئيسة وليس البرلمان.  هذا الشغب لم يكن بسبب الفقر، ففي هذا إهانة للملايين ممن يستحيل أن يخطر ببالهم-مهما لاقوا من مصاعب- أن يتسببوا في معاناة الآخرين بهذا الشكل.

كلا، فهذا الشغب سببه السلوك.  سلوك أناس لا يبالون بالصواب والخطأ.  أناس من ذوي الأخلاقيات الملتوية.  أناس يفتقدون تماما لضبط النفس.

سيقول البعض: وما للساسة بالسلوك؟  وما الذي يعطيهم الحق في أن يحاضروننا؟

ولكن خجل الساسة من قول الحق عن السلوك والأخلاق هو في الحقيقة الذي تسبب فيما نراه حولنا من مشكلات اجتماعية…

“عش ودع الآخرين يعيشون” أصبح معناها: افعل ما شئت.

في حقيقة الأمر إن ما رأيناه في الأسبوع الماضي من الحياد الأخلاقي وذلك القدر من النسبية يجعلنا نعلم انهما لن يفيدا بعد الآن.

واحد من أكبر الدروس التي تعلمناها من هذا الشغب هو اننا يجب أن نتحدث بأمانة عن السلوك ثم نتصرف بعدها.  لأن السلوك السيء قد وصل –بكل ما تعنيه الكلمة- إلى أعتاب بيوت الناس…

أقول وأكرر ما سبقت وقلته طوال السنوات السابقة: إن سبب وجودي في عالم السياسة هو بناء مجتمع أكبر وأقوى,

عائلات أقوى، وجماعات أقوى،  ومجتمعات أقوى .

السؤال الذي تردد مرارا وتكرارا طوال الأسبوع الماضي هو: “أين الآباء؟  لماذا لا يمنعون أبناءهم من ممارسة الشغب؟”   بل إن بعض القضاة تسآلوا قائلين: لماذا لا يظهر الآباء في المحكمة عندما يُقبض على أبنائهم؟!

… إذا أردنا أن يكون لدينا أمل في اصلاح مجتمعنا المكسور، فالأسرة والآباء  هما نقطة البداية.

… الجزء الثاني من الدور الاجتماعي في محاربة الشغب هو ما يحدث في المدارس.  نحن بحاجة إلى نظام تعليمي يدعم الرسالة الآتية: إذا ارتكبت خطأ، فسيتم تهذيبك.  ولكن إذا عملت بجد ولعبت وفقا للقواعد فستنجح.  وهذا ليس بالحلم البعيد فقد نجحت مدارس في ذلك… ففيها يتوقعون مستويات عالية من الأداء من كل طفل، ولا يقبلون أعذارا للفشل في العمل بجد. انهم يغرزون الكبرياء من خلال زي رسمي صارم وسياسات سلوكية.

… لماذا نتحمل تلك الفضيحة مكتملة الأركان الخاصة بالمدارس التي يُسمح لها بالفشل عاما بعد عام؟ إذا ترك الأطفال المدرسة وهم غير قادرين على القراءة والكتابة، فلماذا لا تحاسب تلك المدرسة بشكل مباشر؟

… نصل حتما إلى مسألة قانون حقوق الإنسان والثقافة المرتبطة به.  ودعوني أكون واضحا:  نحن في هذا البلد فخورون بالدفاع عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج.  بل هو جزء من التقاليد البريطانية.  ولكن الغريب على تقاليدنا والذي أصبح له أسوأ الأثر على السلوك والأخلاق هو الخلط وتشويه حقوق الإنسان بشكل قوّض من المسئولية الشخصية.  ونحن نكافح هذه المشكلة من ناحيتين: الأولى،   ابتكار قانون خاص بنا للحقوق البريطانية…

“… الحقيقة ان تفسير تشريعات حقوق الإنسان قد أفرزت تأثيرا رهيبا على المنظمات العامة، مما قادها إلى التصرف بشكل يناقض الفطرة السليمة ويجرح حسّنا بالصواب والخطأ، ويقوض الشعور بالمسئولية.

… برنامج الخدمة الوطنية للمواطن وهو برنامج غير عسكري ولكنه يتسم بروح الخدمة الوطنية.  هذا البرنامج يعتمد على الشباب من سن 16 عاما من مختلف الخلفيات ويجعلهم يعملون سويا.  يعملون داخل جماعاتهم سواء بتدريب الأطفال على لعب كرة القدم،  أو زيارة المسنين في المستشفيات،  أو تقديم خدمة اصلاح الدراجات لأفراد جماعاتهم.  وبذلك يرى الشباب كيف أن فعل الخير يجعلهم يشعرون بأنهم أفضل.  وأن المتعة الحقيقية هي في البناء لا في الهدم.

العمل الجماعي والالتزام والواجب والأدب كلها كلمات قد تبدو قديمة ولكنها جزء من الحل لهذه المشكلة شديدة العصرية لشباب غاضب ومنسلخ عن مجتمعه.”

—–

هل خرجت بشيء عزيزي القارئ؟

أضف تعليق